عم يكون الواقع 100 مريض على 20 علبة دواء"

كتبت راجانا حمية في "الأخبار": وصلت أزمة الدواء إلى حائط مسدود، ومعها أزمة المحروقات، في ظل انقسام السلطة بين مدافع عن حق المحتكرين بحرمان السكان من الدواء وتعريض المرضى لخطر الموت، وبين معلن العجز عن القيام بأي خطوة من شأنها وضع حد للأزمة، أو على الأقل التخفيف من آثارها. أما المحتكرون، فلا يتورعون عن إشهار وحشيتهم التي تتيح لهم قطع الدواء عن الناس، وهم واثقون من أن أحداً لن يردعهم. بل يجدون في السلطة وخارجها من يخوض معركتهم. أمام هذا الواقع، يتأكد مجدداً وجوب أن تلجأ الحكومة إلى إخراج الأدوية والمحروقات من "لعبة السوق"، واستيرادها مباشرة، وإيصالها إلى المرضى والزبائن بأقل كلفة ممكنة، أسوة بما جرى مع الفيول العراقي الذي يُوقَّع اتفاق استيراده اليوم، من دولة إلى دولة.





وصلت أزمة الدواء في البلاد إلى حدّ حرمان مرضى السرطان من علاجاتهم. فاليوم، ومع تمدّد الأزمة وتعنت مصرف لبنان ومن خلفه المستوردون وأصحاب المستودعات، يواجه هؤلاء خطر العودة في علاجاتهم إلى النقطة الصفر... وبعضهم يواجه خطر الموت، وخصوصاً أن ما يقرب من 70% من أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية باتت مفقودة من مستودعات وزارة الصحة العامة، في مركز الكرنتينا كما مراكز الأقضية. بالأرقام، قالها وزير الصحة العامة، حمد حسن، قبل أسبوع بأن هناك نحو 150 دواء لعلاج الأمراض المستعصية غير موجودة اليوم في مستودع الكرنتينا.
مرضى السرطان يستغيثون... أنقذونا
حلحلة موقتة في أزمة الدواء وحليب الأطفال: التوزيع بدءًا من اليوم ؟
منذ شهرين تقريباً، يعيش المستودع المركزي أسوأ فتراته، حيث بلغت "القطعة" ذروتها، وبحسب المصادر، فإن الجزء الأكبر المفقود هو من فئة العلاجات الجديدة، أي البروتوكولات الجديدة، فيما المتوفر "هو ما يأتي من العلاجات القديمة، وبكميات قليلة". وفق حسابات بسيطة، وعلى أساس ما يتسلم اليوم، لا تغطي الموجودات المرضى، يعني "عم يكون الواقع 100 مريض على 20 علبة دواء". قبل أن تكبر الأزمة، كان المركز يستقبل حوالى 600 إلى 700 مريض يومياً، فيما تستقبل مراكز الأقضية حوالى 250 مريضاً، أما اليوم، فقد انخفض العدد إلى النصف في كل المراكز "300 في المركز وحوالى 100 إلى 150 في المناطق"، فيما الأدوية التي يحصل عليها هؤلاء "ليست كاملة، أي بمعدل دواء أو دواءين من أصل 5". المخيف في هذا الانقطاع هو التأثيرات التي تطال مراحل العلاج، إذ إن "الخطر يكمن هنا في تدهور حال المريض من مرحلة إلى أخرى، وهذا ما يستوجب في بعض الأحيان تعديل العلاجات أو الحاجة إلى علاجات متطورة"... وما يمكن أن يحمله ذلك من عودة إلى النقطة الصفر. مع ذلك، تبقى حال تلك العلاجات أفضل من حال العلاجات المناعية، فإن كان الفقدان لا يطال كل أنواع أدوية السرطان، إلا أنه بات شاملاً اليوم في الشق المتعلق بالعلاجات المناعية التي فقدت كلياً.