مجزرة عكار... قريب أحد المفقودين: "صرنا نتمنى ناخد جثة على إنو ما نلاقي شي منو"

تحت عنوان "قريب أحد المفقودين في مجزرة عكار لـ"النهار": صرنا نتمنى ناخد جثة على إنو ما نلاقي شي منو" كتبت ليلي جرجس في النهار:
كانوا قريبين من خزان الوقود قبل اشتعاله، يستجدون كمية من البنزين بعد احتكار التجار لها، كانوا يبحثون عن سبيلٍ لتأمين حاجتهم اليومية التي تحوّلت إلى رحلة ذلّ لا تنتهي فصولاً. ساعات ينتظرون حاملين معهم "غالوناتهم" البلاستيكية، قبل أن يأتيهم الموت بأبشع الطرق، لحظة غدر خطفت الروح من أجسادهم ونهشت أجساد الآخرين، فيما لا يزال عدد من المفقودين تحت التراب المشبع بالنار والدم!
من يبرّد قلوب أهالي المفقودين الذين ينتظرون أي خبر عن أولادهم وأقاربهم؟ من يخفف وطأة الوقت والاحتمالات والفرضيات المتأرجحة بين الموت المحتم والأمل الضئيل؟ لماذا علينا أن نبحث عن أشلاء أحبائنا وننتظر لساعات لصدور النتيجة والكشف عن هوياتهم؟ لماذا علينا أن نخاوي الموت بينما أرواح الشباب تستحق الحياة! يا لدولة العار!
كان يتمنى رئيس بلدية عين تنتا عبد المنعم الشيخ أن يسمع خبراً مفرحاً لا نعياً مؤجلاً في انتظار صدور نتائج الحمض النووي، فما كان يُحذر منه واصفاً المشهد قبل الانفجار بـ"قنبلة موقوتة" حصل وأودى بحياة 28 شخصاً وإصابة 80 جريحاً، بالإضافة إلى المفقودين.
يصعب على الشيخ أن يسترجع تلك الليلة المشؤومة، خصوصاً أن إبن عمه فادي غازي الشيخ (48 عاماً) ما زال مفقوداً حتى الساعة. يقول لـ"النهار" إنّنا "في انتظار صدور نتيجة الحمض النووي غداً بعد اجراء الفحوص في مستشفى سيدة السلام- القبيات. الانتظار صعب لكن أتمنى أن تكون الجثة الموجودة في المستشفى له، على أن لا نجده ويكون تحلل في التراب".

بتنا نتمنى أن نجد جثة على أن لا نجد أشلاءً، "ويلكم من الله" أتسمعون ما تقوله الناس المفجوعة. أنتم الذين فجرتمونا مرتين، مرة في بيروت والثانية في عكار، كيف تنامون كل ليلة وأرواح الناس برقبتكم؟! أتساءل كيف لكم أن تغمضوا جفونكم ولا تحضر كل هذه الصور الموجعة بأجسادهم المحروقة والأشلاء المتناثرة الضائعة أو المتبعثرة في كل مكان؟

يحاول عبد المنعم استيعاب هذه الكارثة التي أودت بالعشرات، يكشف لـ"النهار" أن "عدد الناس الذين كانوا موجودين هناك حوالى 300 شخص في حين أن الجرحى والضحايا لا يتخطون الـ100. الواقع مرعب، فإبن عمي ليس الوحيد الذي أصيب في الانفجار، هناك أيضاً ابن خالي البالغ من العمر 27 عاماً ويرقد اليوم في مستشفى الجعيتاوي. يعاني من حروق بليغة تتخطى الـ80%، وضعه دقيق وحرج ولم تنجح المساعي في نقله إلى تركيا نتيجة توقف قلبه مرتين. صحيح أن قلبه ودماغه ما زالا يعملان لكن جسده في حالة صعبة جداً ويحتاج إلى معجزة.
ويتابع حديثه: "أما زوج إبنة عمي، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، فتمّ نقله إلى تركيا فجراً ووضعه خطير. ما ذنبهم وذنب الناس الذين كانوا موجودين هناك لتأمين البنزين حتى يذهبون إلى عملهم أو يلتحقون بالجيش... هؤلاء الأبرياء تفحموا وماتوا من أجل ماذا؟ لقد تجمهر الكثيرون وبدأت الاتصالات تتكثف للإبلاغ عن تأمين البنزين بعد مداهمة الجيش، الوضع كان مريباً والأعداد تزداد أكثر".

يتأسف الشيخ لما آلت إليه الأمور، وفق ما يؤكد أنّ "بعد مداهمة الجيش طلبنا كرؤساء وفعاليات المنطقة نقل الكميات المخزنة بالصهاريج وتسليمها إلى المحطات في المنطقة حتى تتمكن الناس من تعبئة سياراتها. إلا أن الجيش رفض وقرر تسليمها مجاناً إلى الناس في المكان نفسه. ولقد حذرناهم أن المكان أشبه بقنبلة موقوتة، لكنهم رفضوا أي حل آخر وطلبوا منا عدم التدخل "هيدا شغلنا". وقد تمّ تعبئة 40% من الكمية في صهاريج والكمية المتبقية بدأ توزيعها على الناس الموجودة".


لقراءة المقال كاملاً من المصدر: اضغط هنا