تسعيرة صادمة متوقعة للسرفيس بحال رفع الأجور ؟!

"كتبت رلى راشد في موقع النهار تحت عنوان "بعد جعل الحدّ الأدنى للأجور مليونَي ليرة... هل يرفع بدل النقل إلى الـ100ألف؟":


بالتأكيد أنّ ما تمّ التوصّل إليه من اتّفاق داخل لجنة المؤشّر خلال اجتماعها الأخير بجعل الحدّ الأدنى للأجر في القطاع الخاصّ مليوني ليرة لبنانية، لا يوازي طموحات أيّ عامل تجاوز مصروفه الأساسيّ مدخوله من الراتب، وإن كسبت الطبقة العمالية جولة من معركة تصحيح الأجور.

ويصحّ القول أنّها خطوة بطيئة على طريق الألف الميل، من مسألة إعادة النظر بالرواتب والأجور التي فقدت قيمتها بالكامل وعكست وضعاً اجتماعيّاً مأزوماً.




صحّ القول: "العين بصيرة واليد قصيرة" في هذه المرحلة التي يستفحل فيها الفقر داخل المجتمع اللبنانيّ، بعد الإطاحة بالطبقة المتوسّطة من الوجود، وبروز طبقة فاحشة من المحتكرين تحت وطأة انهيار اقتصاديّ وظروف محليّة وإقليميّة ودوليّة تساهم في تسريع وتيرة الانزلاق. ويبقى التفاهم الذي خرج به أطراف الإنتاج غير محسوم أمر انسحابه على لقاءات لاحقة، لأنّ استحقاق الانتخابات النيابية سيتصدّر العناوين في المرحلة المقبلة على ما عداه من أمور حياتيّة ومعيشيّة يعاني منها اللبنانيون، والتي المفترض أن تكون في أولويّات برامج المرّشحين.




وفي غضون ذلك، فإنّ الاتّفاق الذي بشّر به وزير العمل مصطفى بيرم الأسبوع الفائت، أفرج عنه بعد شدّ حبال وسجال.

ما حقيقة الخلاف بين ممثّلي أصحاب العمل ورئيس الاتّحاد العمّاليّ؟

هل ستستكمل مفاوضات تصحيح الأجور قبل موعد الانتخابات وانصراف الجميع الى ضخّ الجهود في الحملات؟

ماذا بعد المليونَي ليرة؟

يعتبر رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش أنّ "ما حصل داخل اجتماع #لجنة المؤشر كان مشادة كلامية بين أصحاب العمل من جهة، ورئيس الاتّحاد العمّالي الدكتور بشارة الأسمر من جهة أخرى، حول موضوع إدخال كلّ الزيادات في صلب الراتب، والتصريح عنها للضمان الاجتماعيّ".

وذكر لـ"النهار" "أنّه خلال الاجتماعات السابقة التي حصلت سواء في وزارة العمل، أو مع الاتّحاد العمّالي العامّ بشخص رئيسه، كان الجميع يسعى الى معالجة المشكلة بعقلانيّة، لأنّ الهدف نفسه وهو "أكل العنب وليس قتل الناطور".

وقال بكداش: "كممثلي أصحاب العمل كنّا قد اقترحنا سابقاً، بغياب أيّ اجتماع للجنة المؤشّر في العامي 2020 و2021 باستثناء ما حصل في نهاية الأخير، إعطاء مساعدات اجتماعيّة أو تحفيزات كبدل نقل في ضوء ارتفاع أسعار البنزين، الى جانب الراتب. وقد بادر البعض الى دفع دولار فريش، والبعض الآخر شيكات مصرفيّة، فيما ثمّة من وزّع حصصاً غذائيّة، وكلّ ذلك ضمن القوانين، وفي الوقت المناسب. وقد أبدى كلّ من مدير الصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعيّ الدكتور محمد كركي ورئيس الاتّحاد العماليّ الدكتور بشارة الأسمر التفهّم لأنّ الهدف هو تأمين وصول الموظّف والعامل الى مكان عمله، علماً أنّ ثمّة مؤسّسات وشركات خاصّة تعاني اليوم أوضاعاً صعبة.



وفي الاجتماع الأخير مع الوزير، تمّ الاتّفاق على أن يبقى مبلغ الـ1،325،000من ضمن الراتب ولكن بدون دخوله في الحدّ الأدنى الذي على أساسه ترتفع رسوم الإيجارات وغيرها...".


ويتابع بكداش: "لقد تقدّمت باقتراح يقضي بأنّ كلّ ما تمّ دفعه في الأعوام 2020 و2021 و2022 زيادة عن المليون و325 ألف ليرة يصدر في مرسوم ليكون قانونيّاً. ولكن في انتظار ذلك يجب حلّ الموضوع بطريقة سليمة. ونحن لا نعلم ما الغاية وراء تراجع رئيس الاتّحاد العمّالي عن موافقته".




وبرأي بكداش أنّ "اجتماعات لجنة المؤشر قد يتمّ تعليقها الى ما بعد الانتخابات النيابية، رغم انّ الوزير أبدى إصراره على أن تكون الاجتماعات مفتوحة لمواكبة أيّ تطوّرات على صعيد ارتفاع الدولار وتداعياته على الوضع المعيشيّ".




وقال: "نحن كقطاع خاصّ نسعى دائماً من أجل المحافظة على موظّفينا وعمّالنا، مع لجنة المؤشّر أو بدونها، سيّما وأنّه ما من أحد يستطيع التكهّن حول مصير الدولار في المستقبل.
بالنسبة إلى رئيس الاتّحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر: "يجب مواصلة الحوار مع الهيئات الاقتصادية للحصول على مكتسبات عادلة للعمال خصوصاً وأنّ أجواء اللقاء الأخير للجنة المؤشر كانت إيجابية". وإذ لم يستبعد إمكانية تصعيد وتيرة المطالبة في حال اقتضى الأمر ذلك، قال لـ"ألنهار": "علينا انتظار كيفية صياغة المرسوم الخاصّ بهذا القرار". وكشف عن الاستعداد للمطالبة برفع #بدل النقل الى 100 الف ليرة كبدل عن الحضور اليوميّ في مرحلة لاحقة، خصوصاً مع الارتفاع المستمرّ في سعر صفيحة البنزين مع تمسكّه برفع الحدّ الأدنى الى 7 ملايين ليرة كحدّ ادنى، علماً انّ هذا السقف تمّ التوصّل اليه بناء لدراسة معمقّة أجراها الاتحاد مع الأخذ بعين الاعتبار سعر الدولار بـ20 الف ليرة".

وقال: "ها نحن اليوم على نفس المستوى من السعر، ولكن ما من شيء مضمون، لأنّه مع رفع الدعم لسعر الدولار سيعاود التحليق مجدّداً".

وتابع: "لقد نجح الاتّحاد في نزع تسمية مساعدة اجتماعيّة عن المبلغ الذي أقرّ، واعتباره جزءاً من الحدّ الأدنى للأجر المفترض ألّا يقلّ عن مليوني ليرة. وهذا المبلغ سيتمّ التصريح عنه كاملاً للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي هو بحاجة الى زيادة مداخيله عبر الاشتراكات، بما يمكنّه من متابعة تقديماته، وأّهمها تأمين التغطية الصحيّة والاستشفائية للمضمونين".

وذكر الأسمر "أنّه على كلّ الشركات والمؤسسات المنضوية في القطاع الخاص الالتزام بهذا الاتّفاق، هذا لأنّه أوّلاً: أجهزة التفتيش في صندوق الضمان ستفعّل رقابتها بحثاً عن التجاوزات وعن الأجراء المكتومين تطبيقاً للتعميم الصادر عن المدير العام.
ثانياً: تشدّد وزير العمل في تطبيق القرارات واستعداد الوزارة للتدخّل عند أيّ مخالفة.
ثالثاً: جهوزية الاتّحاد العمالي لتلقي الشكاوى الواردة اليه، واستعداده الكامل للتحرّك ضمن الأطر القانونيّة المسموح بها مع حرصه على إبقاء التبليغات سريّة".

ولكن هل مبلغ المليوني ليرة كحدّ أدنى كاف؟
وفق الباحث في المؤسّسة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين "من الطبيعي أنّه لا يلبّي الحاجات اليومية للعائلة، ولكنّه على الأقلّ يضمن الحدّ الأدنى من الغذاء، إذ انّ تكلفة السلّة الغذائیّة لأسرة مؤلفة من أربعة أفراد تبلغ نحو 4 ملایین و500 ألف ليرة شهريّاً".
ويقول لـ"لنهار": "عندما وصل سعر صفيحة البنزين إلى 397 ألف ليرة وتراجع سعر صرف الدولار إلى 20,500 ليرة، ارتفعت كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة، وأصبحت كلفة كلّ كلم واحد نحو 3،155 ليرة لبنانية لسيارة متوسّط استهلاكها 170 كلم/ 20 ليتر بنزين.
ونحن نعلم أنّه مع ارتفاع نسبة التضخّم وجنون الأسعار من المفترض أن يكون الحدّ الأدنى عند مستوى 7 ملايين ليرة. ولكنّ الوضع الاقتصادي برمّته يعاني، وقد يكون من الصعب التزام البعض في القطاع الخاص بأيّ زيادة في الأجور".

بدون شكّ، وضع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الماليّ كان حاضراً بقوّة على طاولة لجنة المؤشر، بعدما سمع الحاضرون أنّ حجب الإيرادات الجديدة عنه ينعكس تلقائيًّا على توقّف خدماته التي بدأ بتقنينها. وإذ نجح إقناع الهيئات الاقتصادية في التصريح عن المبلغ الذي ستتمّ زيادته بعد التأكّد من ضخّه نحو ألف مليار ليرة في فروعه بشكل طارئ، فإنّ أيّ مسعى لزيادات أخرى لاحقة تصبو اليها الطبقة العمالية لن يكون قريباً، أو على الأقل تحت إشراف الحكومة الحالية التي ستسلّم الملف الى أخرى سيكون أمامها الكثير لإنجازه في سوق العمل وفي قضيّة الأجور