بين التجار ودولار السوق الموازية.. مخاوف من ارتفاع الأسعار بعد اعلان 'المركزي'!
المصدر : لبنان 24 تاريخ النشر : 23-11-2022
"من المؤكد أنّه لا يمكن توقع ما سيحصل على مستوى فوضى الدولار، بعد الإعلان الأخير لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بدء العمل بسعر الـ15000 ليرة مقابل الدولار ابتداءً من شباط 2023، ولا يمكن الذهاب بتوقعات إيجابية تطال توحيد سعر الصرف في ظل الانهيار المالي الحاصل. وإن تحدث سلامة عن مرحلة أولى سيتبعها إجراءات أخرى، قد ترتبط بإعادة تقييم موجودات البنك المركزي من العملات الأجنبية والذهب، الا انّ الكلمة الأخيرة على الأرض ستبقى لجنون ارتفاع الأسعار طالما انها ستظل مرتبطة ارتباطا وثيقاً بعاملين اساسين: التجار والبضائع من جهة والسوق الموازية من جهة أخرى.
بالنسبة الى العامل الأول، فغالبا ما تصب معظم الإجراءات التي يتم اتخاذها لمصلحتهم، بما يشبه فتح ممرات جديدة لكسب الأموال، بشكل مستدام طالما انّه لا يوجد سعر موحد للدولار ولن يكون في المستقبل القريب، وخصوصاً انّ بعض التحليلات الاقتصادية الأخيرة تذهب في اعتبار انّ ما صدر عن سلامة سيؤدي بعد الى الامعان في السياسات التي لن تكون يوماً في مصلحة المستهلك. وبحسب مصادر اقتصادية متابعة فانّ التجار وقبل اعلان سلامة يعمدون الى شراء البضائع وتخزينها بشكل مبالغ فيه، وبحسب معلومات "لبنان 24" فانّ "كبار التجار يلجأون الى تأمين مستودعات ومحلات إضافية لتكديس بضائعهم مستغلين الأسعار الحالية ليعمدوا بعدها الى بيعها مع ارتفاع الأسعار المتوقع بعد سعر الـ15000 ليرة والدولار الجمركي، بأسعار تحقق لهم اضعاف أضعاف أرباحهم الحالية".
بالأرقام
وبحسب المعلومات فإن حجم البضائع والسلع المستوردة عبر مرفأ بيروت ارتفعت كثيراً في الأشهر الأخيرة، ومنها ما بقي مخزنا في المرفأ لإخراجها في وقت لاحق، معلومات تتقاطع مع ما صدر قبل فترة عن مديرية الجمارك التي أشارت الى ارتفاع هائل في الاستيراد فبلغت النسبة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2022 أكثر من 10.5 مليار دولار مقابل 7.8 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. يعني ارتفاع كبير بلغ 2.7 مليار دولار بنسية 34 بالمئة، وهو نفس الرقم الصادر عن تقرير "بنك عوده" الاقتصادي عن الفصل الثالث من 2022، والذي تحدث أيضا عن نمو إيجابي في بعض المؤشرات ومنها حجم البضائع في المرفأ بزيادة بنسبة +9.4%.
كما أشار التقرير الى ازدياد حجم البضائع المستوردة الى المرفأ بنسبة 9.4% ليبلغ 3844 ألف طن في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022 بعدما كان قد ارتفع بنسبة 7.5% في الفترة ذاتها من العام 2021.
السوق الموازية
أمّا العامل الثاني وهو السوق الموازية، فإنّ سعر الصرف الحقيقي بالنسبة الى المستهلك أي المواطن العادي فيحدده السوق والتطبيقات والمجموعات التي تتحكم بالسعر ارتفاعاً وانخفاضاً. وبحسب أحد كبار تجار السوق أكدّ انه باستمرار الوضع على ما هو عليه "لن يكون هناك أي سقف لسعر الدولار.. والأرقام مفتوحة". ويقول الصراف لـ"لبنان 24" "أنّ قرار الحاكم المركزي يحتاج الى عرض كمية دولارات كبيرة اولاً، ولكن المركزي ليس لديه هذه الكمية، وبالتالي سيحتاج الى السوق لشراء الدولار كما حصل في مرات كثيرة مع كل تعميم جديد كان يصدره، وكذلك التجار يحتاجون الى دولارات السوق وبالتالي ستتعزز حركة العرض والشراء ما يعني استمرار الارتفاع في سعر الدولار الى حدود معينة مشابهة للوضع الحالي".
بمعنى اخر يتابع الصراف مشيراً الى انّه لن نشهد على تعديلات جذرية في سعر الصرف في السوق الموازية، "واليوم مع تهافت التجار الى شراء البضائع قبل الدولار الجمركي وتخزينه فانّ حركة السوق تشهد طفرة كبيرة في عمليات البيع والشراء، وهو ما يفسر ارتفاع الدولار مؤخراً ووصوله الى حدود الـ40 الف بعدما تراجع في وقت سابق الى 35 الف ليرة مقابل الدولار".
استغلال
ويبقى التخوف من الارتفاع الجنوني جراء مفاعيل الرسوم الجديدة وخصوصاً على الامن الغذائي، وفي المقابل تصدر تطمينات عن الجهات المعنية الرسمية بهذا الشأن، وقد صرّح وزير الصناعة جورج بوشكيان في وقت سابق مؤكدا انّ "الدولار الجمركي سيطبّق على الكماليات وليس على الأمور الحياتية الأساسية"، لافتاً الى أنّه "سيتم مراقبة الأسعار لمنع استغلال قرار الدولار الجمركي لرفع الأسعار وسيتم نشر السلع التي لا تخضع لهذا القانون منعاً لاستغلال المستهلكين".