رجل الطرق المفتوحة: صوت العدالة في بعلبك الهرمل

رجل الطرق المفتوحة: صوت العدالة في بعلبك الهرمل

✍️ د. بتول عرندس

ليس كل الرجال يُقاسون بما يملكون، فبعضهم يُقاس بما يتركون من أثر، وما يمنحون دون حساب. في شوارع بعلبك وأزقة الهرمل، يتردد صدى رجلٍ لا تغلق الأبواب في وجهه، ولا تنطفئ أنوار بيته مهما اشتد الليل. هو الظل الذي لا يختفي حين يطول النهار، والثبات الذي لا تهزه العواصف. شجرةٌ تمتد جذورها عميقًا، لا لتحتكر الأرض، بل لتمنح العابرين ثمار الأمان والعدل.

ليس مجرد محامٍ يدافع عن القضايا، بل رجلٌ يشبه مرآةً صافية تعكس الحقيقة كما هي، دون رتوشٍ أو زيف. لم يكن من هواة المنابر، بل من صُنّاع المواقف. لا يحتاج إلى ألقاب تُعرّفه، لأن الأفعال تكفي، والسيرة تنوب عن كل تعريف. في بيته، لا يُسأل الداخل من أين أتى، بل ماذا يحتاج. وفي قلبه، لا تُفرَز القضايا وفق الهوية، لأن العدالة عنده لا لون لها سوى الحق.

هناك رجالٌ تصنعهم الصدف، وآخرون تصنعهم الحكايات، لكنه من أولئك الذين يكتبون حكايتهم بأيديهم، خطوةً خطوة، حتى تصبح دربًا يسير عليه الآخرون. لم تكن العدالة عنده قضيةً تُرفع أمام القاضي، بل قيمةٌ تُرفع في وجه الظلم. ليس مهمًا كيف تراه، المهم أنك إن طرقت بابه، لن يُغلق في وجهك.

والآن، حيث تعلو الأصوات، ويزدحم الطريق بالشعارات، يظل صوته مختلفًا: لا صخب فيه، ولا ادعاء، فقط يقينٌ يمضي بلا تردد. لم يكن رجل انتخابات، لكنه كان دائمًا اختيار الناس. المناصب لم تكن غايته، لكنها جاءت إليه كما تأتي الفصول إلى الشجر، لأنه ببساطة لم يكن إلا نفسه.

المحامي عماد يونس، رجلٌ لا تصفه الكلمات، بل تحكيه الطرق التي عبرها، والقلوب التي سكنت اسمه كأمانٍ أخير. إنه رجل الطرق المفتوحة، حيث لا باب يوصد، ولا وعد يُكسر، وحيث العدالة ليست شعارًا، بل أثرٌ يبقى.